مقالات مختارة

الحياة المدرسية: الفاعلون والشركاء

 


تفعيل الحياة


المدرسية وتنشيطها مسؤولية مجتمعية متقاسمة تتولاها المنظومة التعليمية، إلى جانب الأسرة وكذا المؤسسات ذات الوظائف التربوية والثقافية والتأطيرية، على اعتبار أن الدور المركزي للمدرسة، بالنظر لمكانتها في حياة كل فرد والفترة الزمنية التي يقضيها فيها، لا يعني تخلي باقي فعاليات وهيئات المجتمع عن القيام بمهامها، بقدر ما هو تأكيد على تكامل الأدوار مع اختلاف الوظائف.

وهذا يقتضي تضافر جهود جميع الفاعلين التربويين والاجتماعيين والاقتصاديين، من متعلمين ومدرسين، وإداريين، ومؤطرين تربويين، ومختلف شركاء المؤسسة من أسر وجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ، وجماعات وسلطات محلية، وشركاء اقتصاديين واجتماعيين، وكل فعاليات المجتمع المدني حتى يتسنى للمدرسة القيام بمهامها والنهوض  بأدوارها الإشعاعية بالشكل المطلوب، وفي أحسن الظروف. وتلخص الخطاطة التالية أهم الفاعلين والشركاء المنخرطين في الحياة المدرسية:

المتعلمون

تتمحور مختلف الأنشطة التربوية حول المتعلم، ليس باعتباره مستهدفا فقط، بل طرفا في تحقيق كل الأهداف، مما يستدعي أشراكه في إعداد النظام الداخلي، وبرنامج العمل السنوي، ومشاريع القسم، وانخراطه في مجالس المؤسسة وأنديتها حسب رغباته وميوله، إلى جانب حضوره المستمر والتنشيط داخل المؤسسة...، وهو ما يتطلب تحفيزه وتقوية حس الانتماء لديه واستثمار قدراته، وترسيخ ثقافة الحقوق والواجبات، وغرس حب العمل نفسه,

المدرسون

يعتبر تدخل المدرسين في تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها فعلا رئيسيا وفق وظائف المدرسة الجديدة. ولهذا من واجب هيئة التدريس الانخراط في مشاريع المؤسسة، وفي التنشيط المدرسي في جميع المجالات، داخل الفصل أو خارجه، والتحلي بروح المسؤولية والالتزام والتفاني في العمل لتكون قدوة ونموذجا، مع تبني الطرائق البيداغوجية والديداكتيكية الملائمة التي تستجيب للحاجات النفسية والعاطفية للمتعلمين، وتنظيم الأنشطة المندمجة والداعمة، وتكوين أندية منفتحة  على المجتمع المحلي والجهوي والوطني لاستقطاب الفعاليات وفي مجال الفكر والإبداع.

الإدارة التربوية

تكمن أهمية الإدارة التربوية في القيادة وتوفير الأجواء المناسبة لقيام المتدخلين بأدوارهم التربوية، وكذا التأطير والتنظيم والتنشيط التربوي، والعمل على تقوية التواصل والتنسيق بين مختلف المتدخلين في الحياة المدرسية، واعتماد التدبير التشاركي والتدبير بالنتائج.

وفي هذا الإطار ينبغي عقد اجتماع أسبوعي، على مستوى التعليم الثانوي، يشارك فيه كل من المدير رئيس، وناظر المؤسسة، ورئيس الأشغال، والحراس العامين للخارجية والداخلية، والملحقين التربويين...يتم خلاله تدارس حصيلة الأسبوع المنصرم، والمستجدات الطارئة، بالإضافة إلى تحديد برنامج الأسبوع الجديد. ويمكن استدعاء كل من ترى الإدارة حضوره ضروريا ومفيدا في هذا الاجتماع.

هيئة التأطير والمراقبة التربوية والمادية والمالية والتوجيه والتخطيط التربوي

إن تحسين جودة التعليم الذي تسعى إليه هيئة التأطير والمراقبة التربوية لن يتأتى إلا بالمساهمة في تنشيط وتتبع الحياة المدرسية وتقويمها بكيفية دائمة ومستمرة، وإنجاز تقارير خاصة بهذا المجال.

مجالس المؤسسة

تعلب مجالس المؤسسة(مجلس  التدبير، المجلس التربوي، مجلس القسم، المجلس التعليم) أدوارا أساسية في تفعيل الحياة المدرسية، وهو ما يتطلب:  

-         انتقاء وانتخاب أعضاء هذه المجالس وفق مقتضيات النصوص التنظيمية.

-         تفعيل أدوار هذه المجالس؛

-         تحسيس جميع أعضاء هذه المجالس، وخصوصا الخارجيين منهم، بأهمية انخراطهم الفعلي في الحياة المدرسية.

المصالح الإقليمية والجهوية والمركزية

ينبغي أن تقوم المصالح الإقليمية والجهوية والمركزية ب:

-         وضع استراتيجات والاشتغال بمخططات وبرامج عمل قصيرة، متوسطة وطويلة المدي؛

-         اعتماد العمل بمنهجية المشروع والتدبير بالنتائج.

-         ابتكار آليات جديدة للعمل والتنسيق والتكوين والتمويل تتماشى وحجم الرهانات؛

-         تحفيز ودعم وتتبع القائمين على الأنشطة التربوية بالمؤسسات التعليمية من إدارة ومدرسين ومعلمين وغيرهم؛

-         التعريف بالتجارب الناجحة قصد تعميمها؛

-         توفير آليات فعالة وحديثة للنشر والتواصل والعمل على ضمان استمراريتها؛

-         تنظيم تظاهرات محلية ووطنية قارة تعبأ لها كل الجهود والإمكانات، والتعريف بها إعلاميا.

-         دعم مجال الحياة المدرسية بالكفاءات اللازمة.

شركاء المؤسسة

الجمعيات التربوية والتعاونيات

تقوم الجمعيات التربوية والتعاونيات المرتبطة بالحياة المدرسية بدور أساسي في خلق روح التعاون والاندماج والمؤازرة بين المتعلمين بالمؤسسة عن طريق تحقيق أنشطة ومشاريع ثقافية واجتماعية بالمؤسسة. ومن بين أبرز هذه الجمعيات:

-         جمعية تنمية التعاون المدرسي بالمؤسسات الابتدائية؛

-         جمعية الأنشطة الاجتماعية والتربوية والثقافية بالمؤسسات التعليمية للثانوي؛

-         الجمعية الرياضية المدرسية؛

-         جمعية أباء وأولياء التلاميذ؛

ولكي تضطلع هذه الجمعيات بالمهام المنوطة بها، ينبغي:

-         أن تكون بالدرجة الأولى في خدمة متعلمي المؤسسات التعليمية التي ترتبط بها؛

-         أن يخصص القسط الأكبر من مداخيل هذه الجمعيات للمؤسسة التعليمية المساهمة؛

-         أن تعمل على تشجيع جميع المتعلمين على الانخراط فيها؛ من خلال إنجازاتها وبرامجها لفائدتهم، على أن لا يعتبر عدم انخراط بعضهم سببا في توقفهم عن الدراسة، أو حرمانهم من الخدمات التي تقدمها المؤسسة؛

-         أن تبسط المساطر الإدارية المعمول بها لتأسيس هذه الجمعيات وتجديد مكاتبها، بحكم أن كثيرا من أعضائها ينتقلون ويتغيرون كل سنة، وبحكم الحاجة إليها؛

-         أن ترفع الجمعيات برامج عملها وتقاريرها المالية والأدبية عن أنشطتها إلى المصالح الإقليمية والجهوية والمركزية المكلفة بالحياة المدرسية، وذلك بحكم إنتماء أعضائها إلى الأسرة التربوية، واستخلاص مواردها المالية من المتعلمين؛

-         أن تعمل على تجديد مكاتبها في الآجال المنصوص عليها في النصوص التشريعية الجاري بها العمل؛

-         أن يستفيد جميع المتعلمين المنخرطين من مداخيل مساهماتهم بدل الاقتصار على نخبة معينة؛

-         أن يستفيد جميع المتعلمين المنخرطين من مداخيل مساهماتهم بدل الاقتصار على نخبة معينة؛

-         أن تعمل على تعبئة موارد مادية وعينية إضافية من مصادر مختلفة بدل الاقتصار على مساهمات المتعلمين.
جمعية آباء وأولياء التلاميذ

ينبغي أن تضطلع هذه الجمعيات بأدوراها المتمثلة أساسا في :

-         مد جسور التواصل المستمر بين المؤسسات التعليمية والأسر؛

-         نسج الر وابط الاجتماعية والعلاقات بينها وبين مختلف أطر هيئة التدريس والإدارة التربوية العاملة بالمؤسسة؛

-         الرفع من مستوى وعي الآباء والأمهات وتحسيسهم بدورهم في النهوض بأوضاع المؤسسات التعليمية تربويا وإداريا، وفي تطوير خدماتها وإشعاعها الاجتماعي والثقافي والفني؛

-         المساهمة في تدبير شؤون  المؤسسة، من خلالها تمثيلها في مجالس المؤسسة، وجعلها فضاء جذابا للعملية التربوية، ومجالا لتكريس روح  روح المواطنة ومبادئ التضامن والتآزر والأخلاق الفاضلة، وفق ما تنص عليه النصوص التنظيمية؛

-         المساهمة في تدبير الشأن التربوي وتحديد الأولويات، وتقديم اقتراحات حول البرامج التوقعية في مختلف المجالات.

وينبغي أن تتمتع هذه الجمعيات بالاستقلالية المادية والمعنوية حتى لا تتحول إلى جهاز تابع للإدارة أو إلى أية جهة أخرى، مما يحد من مبادرتها وقوتها الاقتراحية. ويمنع في هذا الصدد على الإدارة التصرف في ممتلكاتها المادية أو ممارسة وصاية عليها في هذا الشأن، مع منحها التسهيلات المادية والمعنوية اللازمة لمساعدتها على أداء وظائفها تجاه المؤسسات التعليمية. كما ينبغي على الإدارة أن تحرص على التعامل فقط مع الجمعيات التي تجدد هياكلها بصورة ديمقراطية وفقا لقوانينها.

كما لا ينبغي، بأي حال من الأحوال، أن تعوض هذه  الجمعيات التواصل المباشر بين المؤسسة وجميع الأسر لتتبع المسار الدارسي للأبناء، والتدبير التربوي للمؤسسة التعليمية والآباء:

-لقاء في بداية السنة الدراسية للتعرف على المستجدات والإنصات للاقتراحات؛

- لقاء دوري ( في منتصف الدورة) مباشر بين الأساتذة والأمهات والآباء، يخصص لتدارس بعض القضايا التربوية العامة للمؤسسة؛

لقاءات أسبوعية أو نصف شهرية، لمدة قصيرة بين الأمهات والآباء والأساتذة أو الإدارة، تبرمج وفق خصوصيات كل مؤسسة، وتخصص لمعالجة القضايا الفردية، ويستحسن، بالإضافة إلى هذه اللقاءات، تخصيص يوم في منتصف كل دورة لتعبئة جميع الآباء والأمهات لتتبع تمدرس أبنائهم، واتخاد الإجراءات الوقائية لتحسين مسارهم.

الجماعة المحلية

من بين الأدوار الأساسية التي يجب أن تقوم بها الجماعات المحلية، باعتبارها سلطة منتخبة تضمن التنمية الشاملة، أن تولي أهمية المؤسسات التعليمية الموجودة في حدودها الترابية، باعتبارها مصدر تكوين رجال مستقبلها، فالمؤسسة تقوم بإعداد الشباب للحياة العملية المنتجة لفائدة الجماعة. وبناء على هذا الوعي، تقوم الجماعة المحلية بواجبات الشراكة مع المؤسسات التعليمية والإسهام في مجهود التربية والتكوين، من خلال:

-         تعزيز الجوانب الصحية والأمنية بالمؤسسات التعليمية؛

-         الارتقاء بالفضاءات المدرسية؛

-         المساهمة الفعلية في تدبير مشاكل التربية والتكوين بالجماعة.

الفاعلون الاقتصاديون والاجتماعيون والتربويون

تعمل المدرسة الحديثة على إشراك جميع الشركاء، من مقاولات وجمعيات المجتمع المدني.. من أجل تطوير آلية اشتغالها، ودعم مشاريعها وأنشطتها المختلفة ماديا ومعنويا لجعلها مركز إشعاع. وحتى يلعب الفاعلون الاقتصاديون والاجتماعيون دورا أساسيا في انفتاح المؤسسة على محيطها، يتعين:

-         اجتهاد الإدارة ومجلس التدبير في البحث عن شركاء ومدعمين للمؤسسة؛

-         إعداد دفتر التحملات وبطاقات تقنية تبرز الإمكانات البشرية والمادية والمعنوية التي يمكن أن توفرها المؤسسة وتساهم بها لفائدة الشركاء مقابل تلبية حاجاتها ومتطلباتها؛

-         التنسيق على المستوى المحلي والإقليمي والجهوي من أجل تدبير وتنمية الشراكات التي تغطي أكثر من مؤسس، مع العمل على تتبعها وتقويمها؛

-         عقد شراكة تحدد الأهداف ومهام كل طرف وفق القوانين والتشريعات المعمول بها. ويمكن في بعض الحالات الظرفية الاكتفاء بإبرام اتفاقيات خاصة بنشاط معين بين الطرف المتدخل ومجلس التدبير.

مراكز التكوين

يمكن لمراكز التكوين أن تقوم بدور أساسي في إطار تعاقدي مع المؤسسات، إذ بواسطة الأساتذة الباحثين والمؤطرين العاملين بها يمكن أن تساهم في مختلف الأنشطة التربوية، فتساعد المؤسسة على تطوير أدائها، وتساهم في معالجة بعض الظواهر التي يتم رصدها أثناء الممارسات التربوية داخل فضاءات المؤسسة ومحيطها.

وإذا كانت النصوص التنظيمية الجاري بها العمل تحدد الخطوط العريضة لمهام مختلف المتدخلين وأدوارهم، فأن ضبطها وتفصيلها وتحيينها يتطلب عقد لقاءات جهوية منتظمة، تخصص لجرد المهام المنوطة بكل متدخل بشكل مفصل، مع توزيعها على فترات الإنجاز، من طرف لجان مختصة على المستويات الإقليمية والجهوية والمركزية، ليتم وضعها رهن إشارة جميع المتدخلين، وخاصة الجدد منهم.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -